By: Amani M. Abusoboh
Abstract
This paper addresses the impact of Palestinian identity in achieving psychological adjustment for individuals’ suffering trauma caused by Israeli military aggression in the West Bank. Additionally, this study examined how affected individuals deal with the trauma on the collective level. The vast majority of the research about military violence-related trauma in Palestine used quantitative research methodologies, leaving a great number of important variables unexamined. Furthermore, while trauma as a result of military violence is defined by a collective experience, the majority of research thus far measured it on the individual level of abstraction (Kananeh & Nitland, 2003). Therefore, this study used qualitative research methodology to examine the role of collective identity in the process of psychological adjustment following military violence- related trauma among a purposefully selected sample of Palestinians from the West Bank who were injured during confrontations with the Israeli military during the second Intifada. The study targeted 13 wounded of the Second Intifada from the West Bank of differing ages and differing degrees of injury. The study used interviews with the participants and recorded these interviews based on Grounded Theory. Through this theory, we analysis the views of the participants in depth and in an inductive way (from reality to theory), through highlighting the common points that were acquired from the participants and to applying it to the theory to determine where they agree or disagree with it (Glaser & Strauss, 1967). As a result, the study came up with four theoretical subjects related to the collective self-adjustment for military aggression as follows: First, collective-national identity was perceived as a motivating force to participate in the Intifada activities against the Israeli occupation and, at the same time, as a mechanism of coping and psychological resilience following the injury. Second, Palestinian families and the community at large played a vital role in providing support to victims of military violence. Third, belief systems, both religious and political, and political party membership were helpful in the process of recovery from military violence trauma. Fourth, individual resilience and perseverance were evident in the articulated experience of the research participants as adaptive factors following the injury.
Download PDF: مقترح النشر في المجلة
ﺍﻟﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜ
أماني أبو صبح
ﻤﻠﺨﺹ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ
ﻋﻨﺩ ﺩﺭﺍﺴﺔ ﺍﻟﻘﻀﺎﻴﺎ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ، ﻓﺈﻨﻪ ﻻ ﺒﺩ ﻭﺃﻥ ﺘﺘﻡ ﻤﺭﺍﻋﺎﺓ ﻟﺨﺼﻭﺼﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ؛ ﻜﻭﻨﻨﺎ ﺃﺨﺼﺎﺌﻴﻴﻥ ﻨﻔﺴﻴﻴﻥ ﻨﺘﻌﺎﻁﻰ ﻤﻊ ﺍﻷﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ. ﻓﻨﻅﺭﺍ ﻟﺘﻭﺍﻟﻲ ﺍﻟﺼﺩﻤﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ ﺒﺴﺒﺏ ﻅﺭﻭﻑ ﺍﻻﺤﺘﻼل، ﺃﺩﻯ ﻫﺫﺍ ﺍﻷﻤﺭ ﺇﻟﻰ ﺨﻠﻕ ﺤﺎﻟﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﻀﻁﺭﺍﺒﺎﺕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﻻ ﺴﻴﻤﺎ ﺃﻨﻨﺎ ﻤﺠﺘﻤﻊ ﻴﺘﻌﺭﺽ ﻟﻼﻋﺘﻘﺎﻻﺕ ﻭﺍﻻﺠﺘﻴﺎﺤﺎﺕ. ﺘﻁﺒﻴﻕ ﻤﻘﻴﺎﺱ PTSD ﺍﻟﺫﻱ ﺠﺎﺀ ﺒﺎﻷﺴﺎﺱ ﻟﻘﻴﺎﺱ ﻤﻘﺩﺍﺭ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﺼﺩﻤﺔ ﻟﻠﺠﻨﻭﺩ ﺍﻷﻤﺭﻴﻜﺎﻥ ﺒﻌﺩ ﺤﺭﺏ ﻓﻴﺘﻨﺎﻡ، ﻻ ﻴﻜﻭﻥ ﺒﺘﻠﻙ ﺍﻟﻔﺎﻋﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ ﻜﻤﺎ ﻫﻭ ﻓﻌﺎل ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﺫﻱ ﻨﺸﺄ ﻓﻴﻪ. ﻭﻫﺫﻩ ﻤﺸﻜﻠﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻁﺒﻕ ﻋﻠﻰ ﻭﺍﻗﻌﻨﺎ ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺩ ﻤﻨﻔﺼﻠﺔ ﻋﻨﻪ ﺒﺸﻜل ﻜﺒﻴﺭ.
ﻭﺒﺎﻟﻨﻅﺭ ﻟﻠﺠﺎﻨﺏ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻨﺎﻭﻟﺕ ﻤﻭﻀﻭﻉ ﺍﻟﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ، ﻓﺈﻥ ﻏﺎﻟﺒﻴﺘﻬﺎ ﺍﻋﺘﻤﺩﺕ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻜﻤﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻌﺎﻁﻲ ﻤﻊ ﻤﻌﻁﻴﺎﺕ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻔﻬﻭﻡ. ﺍﻷﻤﺭ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﻌﻨﻲ ﺇﺴﻘﺎﻁ ﻜﺜﻴﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺤﺎﻻﺕ ﻋﻨﺩ ﺍﻟﺘﻌﺎﻤل ﻤﻊ ﻤﻌﺎﻤﻼﺕ ﺍﻻﺭﺘﺒﺎﻁ. ﻜﻤﺎ ﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻋﺩﺩ ﻜﺒﻴﺭ ﻤﻥ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻴﺘﻡ ﺍﺴﺘﺜﻨﺎﺅﻫﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺎﺕ ﻻﻋﺘﺒﺎﺭﺍﺕ ﺇﺤﺼﺎﺌﻴﺔ ﺒﺤﺘﺔ، ﺒﺤﻴﺙ ﻻ ﻴﺒﻘﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻋﻥ ﺘﺄﺜﻴﺭ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﺤﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺴﻭﻯ ﻋﺩﺩ ﺒﺴﻴﻁ ﺠﺩﺍ ﻤﻥ ﺃﻨﻭﺍﻉ ﺃﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﻌﻨﻑ (ﻜﻨﺎﻋﻨﺔ ﻭﻨﺘﻼﻨﺩ، 2003).
ﻭﺒﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ ﻴﺴﺘﻬﺩﻓﻭﻥ ﻤﻥ ﻗﺒل ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﻜﺠﻤﺎﻋﺔ، ﻓﺈﻥ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﺘﻌﺎﻁﻴﻬﻡ ﻤﻊ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﺍﻟﺼﺎﺩﻡ ﻻ ﺒﺩ ﻭﺃﻥ ﻴﺘﻡ ﻗﻴﺎﺴﻬﺎ ﻭﺩﺭﺍﺴﺘﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﻭﻯ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ، ﻷﻥ ﻤﺜل ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ ﻴﻤﻜﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﻥ ﺘﻌﻁﻲ ﻓﻬﻡ ﺃﻋﻤﻕ ﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻲ، ﻭﻟﻴﺱ ﺍﺨﺘﺯﺍﻟﻬﺎ ﻀﻤﻥ ﺒﻨﻭﺩ ﻤﺤﺩﺩﺓ ﻻ ﺘﻌﺒﺭ ﻋﻥ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺩﺭﻜﻪ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺩﻭﺍﺨﻠﻬﻡ ﺠﺭﺍﺀ ﺘﻌﺭﻀﻬﻡ ﻟﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ.
ﻤﻥ ﻫﺫﺍ ﺍﻟﻤﻨﻁﻠﻕ، ﺠﺎﺀﺕ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻟﻠﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ، ﺒﺎﺘﺒﺎﻉ ﺍﻟﻤﻨﻬﺞ ﺍﻟﻜﻴﻔﻲ. ﺤﻴﺙ ﻗﻤﺕ ﺒﺈﺠﺭﺍﺀ ﻤﻘﺎﺒﻼﺕ ﻜﻴﻔﻴﺔ ﻤﻌﻤﻘﺔ ﻤﻊ ﺜﻼﺜﺔ ﻋﺸﺭ ﺠﺭﻴﺢ ﻭﺠﺭﻴﺤﺔ ﻤﻥ ﺍﻻﻨﺘﻔﺎﻀﺔ ﺍﻟﺜﺎﻨﻴﺔ، ﻓﻲ ﻤﻨﺎﻁﻕ ﺍﻟﻀﻔﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﻌﻤﻕ ﻓﻲ ﺘﺠﺭﺒﺘﻬﻡ ﻤﻊ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﻋﺩﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﻋﻘﺏ ﺘﻌﺭﻀﻬﻡ ﻟﻠﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺒﻔﻌل ﺍﻻﻋﺘﺩﺍﺀ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ. ﻗﻤﺕ ﺒﺘﻔﺭﻴﻎ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺒﺎﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻤﺤﻜﻴﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻜﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ، ﻭﺘﺤﻠﻴﻠﻬﺎ ﺍﺴﺘﻨﺎﺩﺍﹰ ﻟﻤﺒﺩﺃ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺠﺫﺭﺓ (Grounded Theory) ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺘﻌﺘﻤﺩ ﻋﻠﻰ ﺘﺸﻜﻴل ﺍﻟﻤﺤﺎﻭﺭ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺠﻤﻊ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺤﻭﺜﻴﻥ ﺃﻨﻔﺴﻬﻡ، ﺒﺸﻜل ﺍﺴﺘﻘﺭﺍﺌﻲ؛ ﻤﻥ ﺍﻟﻭﺍﻗﻊ ﻟﻠﻨﻅﺭﻴﺔ، ﺒﺎﻟﻭﻗﻭﻑ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻜﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺤﻭﺜﻴﻥ ﻭﺍﻟﻌﻭﺩﺓ ﺒﻬﺎ ﻟﻠﻨﻅﺭﻴﺔ، ﻟﻤﻌﺭﻓﺔ ﺃﻴﻥ ﺘﺩﻋﻡ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺍﻟﻤﻭﺍﺩ ﺍﻟﻨﻅﺭﻴﺔ ﻓﻲ ﻤﺠﺎل ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﻭﺃﻴﻥ ﺘﺨﺘﻠﻑ ﻤﻌﻬﺎ. ﺒﺤﻴﺙ ﻗﻤﺕ ﺒﺩﻤﺞ ﻟﻠﻤﻭﺍﻀﻴﻊ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻨﻅﺭﻱ ﺍﻟﻤﺸﺘﺭﻙ؛ ﻜﺨﻁﻭﺓ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴل ﺍﻟﻜﻴﻔﻲ ﻟﻠﺒﻴﺎﻨﺎﺕ (ﻤﻜﺎﻭﻱ، 2002). ﻭﺒﺎﻟﺘﺎﻟﻲ، ﺘﺸﻜﻴل ﻤﺤﺎﻭﺭ (Themes) ﻨﻅﺭﻴﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺒﻴﺎﻨﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻡ ﺍﻟﺤﺼﻭل ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻤﻥ ﺍﻟﻤﺒﺤﻭﺜﻴﻥ (Glaser & Strauss, 1967). ﺤﻴﺙ ﻜﺎﻨﺕ ﺃﺒﺭﺯ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﺘﻲ ﺴﺎﻋﺩﺕ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﻋﻘﺏ ﺍﻟﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺘﺘﻤﺜل ﺒﺄﺭﺒﻌﺔ ﻤﺤﺎﻭﺭ: ﺃﻭﻻ: ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﻭﻁﻨﻴﺔ ﻜﻌﺎﻤل ﻤﺤﻔﺯ ﻟﻠﻤﺸﺎﺭﻜﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﻀﺎل ﻀﺩﺍﻻﺤﺘﻼل ﻭﻋﺎﻤل ﻤﺴﺎﻋﺩ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻜﻴﻑ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ. ﺜﺎﻨﻴﺎﹰ: ﺩﻭﺭ ﺍﻷﺴﺭﺓ ﻭﺍﻟﺩﻋﻡ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﻓﻲ ﺘﺨﻔﻴﻑ ﺍﻵﺜﺎﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﺴﺒﺒﻬﺎ ﺍﻟﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ. ﺜﺎﻟﺜﺎﹰ: ﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺩﻴﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻌﺘﻘﺩﺍﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻴﺔ _ ﺍﻟﻌﻀﻭﻴﺔ ﺍﻟﺤﺯﺒﻴﺔ ﻜﻌﺎﻤل ﻤﺴﺎﻫﻡ ﻓﻲ ﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ. ﺭﺍﺒﻌﺎﹰ: ﺍﻟﺠﻠﺩ ﺍﻟﺸﺨﺼﻲ ﻭﺩﻭﺭﻩ ﻓﻲ ﺘﻘﻠﻴل ﺍﻟﻀﺭﺭﺍﻟﻨﺎﺠﻡ ﻋﻥ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﺼﺩﻤﺔ ﺍﻟﻨﺎﺠﻤﺔ ﻋﻥ ﺍﻟﻌﺩﻭﺍﻥ ﺍﻟﻌﺴﻜﺭﻱ ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ.
ﻨﺴﺘﻨﺘﺞ ﻤﻥ ﻤﺠﻤل ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻨﺘﺎﺌﺞ ﺃﻫﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻌﺭﺽ ﻟﻠﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺫﻱ ﻴﺘﺨﻠﻠﻪ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﺍﻟﻬﺎﺩﻑ ﻟﻠﻨﻴل ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺍﻓﻕ ﺍﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻸﻓﺭﺍﺩ ﻭﻋﺩﻡ ﺤﺼﺭﻩ ﻓﻴﻌﺩﺩ ﻤﻥ ﺍﻟﻌﻭﺍﻤل ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺘﻌﻁﻲ ﻤﻌﻨﻰ ﻋﻤﻴﻕ ﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﺘﻜﻴﻑ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﻭﺘﺠﺎﻭﺯﻫﻡ ﻟﻸﺤﺩﺍﺙ ﺍﻟﺼﺎﺩﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻤﺭ ﺒﻬﻡ ﺒﻔﻌل ﻤﻤﺎﺭﺴﺎﺕ ﺍﻻﺤﺘﻼل ﺍﻹﺴﺭﺍﺌﻴﻠﻲ ﺍﻟﺭﺍﻤﻴﺔ ﻹﻀﻌﺎﻑ ﺤﺼﺎﻨﺘﻬﻡ ﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ. ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ، ﻗﻤﺕ ﺒﺼﻴﺎﻏﺔ ﺠﻤﻠﺔ ﻤﻥ ﺍﻟﺘﻭﺼﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻬﺎ ﺍﻟﻌﻤل ﻋﻠﻰ ﻤﻭﺍﺼﻠﺔ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﻤﻴﺩﺍﻥ ﺍﻟﻬﻭﻴﺔ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺫﻱ ﻤﻥ ﺸﺄﻨﻪ ﺍﻟﺘﺄﺴﻴﺱ ﻟﻘﺎﻋﺩﺓ ﻤﻌﺭﻓﻴﺔ ﻴﺘﻡ ﺍﻻﺴﺘﻨﺎﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻟﺒﻨﺎﺀ ﻤﻘﺎﻴﻴﺱ ﻨﻔﺴﻴﺔ ﺘﺘﻼﺀﻡ ﻭﻁﺒﻴﻌﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﻕ ﺍﻟﻔﻠﺴﻁﻴﻨﻲ.
مقدمة
سعت هذه الدراسة إلى إلقاء الضوء على دور الهوية الجماعية الفلسطينية في تحقيق التوافق النفسي للأفراد في أعقاب التعرض للصدمة الناجمة عن العدوان العسكري في منطقة الضفة الغربية. وهي في ذلك، تسعى لمعرفة فيما إذا كان للهوية الجماعية الفلسطينية دور وأثر في مساعدة الأفراد المتضررين من العدوان العسكري في استعادة حالة الجلد بعد التعرض للصدمة النفسية. بالتالي، فإن هذه الدراسة لم تتطرق فقط لمفهوم الهوية الجماعية الفلسطينية كما هي في إدراك المتضررين بفعل العدوان العسكري، إنما هي محاولة لمعرفة فيما إذا كان إدراك ماهية هذه الهوية يمكن له أن يلعب دوراً في مساعدة الأفراد لاستعادة حالة التوافق النفسي، سيما أن الأفراد في المجتمع الفلسطيني يستهدفون من قبل الاحتلال الإسرائيلي كجماعة، فإن كيفية تعاطيهم مع الحدث الصادم لا بد وأن يتم قياسها ودراستها على المستوى الجماعي.
إنَّ أهمية هذه الدراسة تعكس نفسها في كونها تطرقت إلى دراسة دور الهوية الجماعية فيما إذا كانت تلعب دوراً مسانداً في تحقيق التوافق النفسي للأفراد الفلسطينيين عقب تعرضهم للصدمة النفسية الناجمة عن العدوان العسكري، استناداً للفكرة المحورية التي ذكرت أعلاه؛ في كون الأفراد في المجتمع الفلسطيني، يتعرضون للصدمة على المستوى الجماعي الأكبر( macro)، في حين أن دراستهم في معظم الأبحاث التي تراكمت حول الموضوع تتم على المستوى الضيق الفردي (micro). من خلال استخدام مقاييس، مثل الـ PTSD والذي يختزل كثيراً من أحداث العنف المؤثرة على التوافق النفسي للأفراد، ضمن مجموعة من المتغيرات ويؤدي لإسقاط كثير من العوامل نتيجة للترابطات الإحصائية (كناعنة ونتلاند، 2003).
من هذا المنطلق، اعتمدت هذه الدراسة منهج البحث الكيفي الاستقرائي، من خلال استخدام مقابلات كيفية معمقة كأداة لجمع المعلومات. وقد قمت بإجراء مقابلات كيفية مع ثلاثة عشر جريح وجريحة من جرحى الانتفاضة الثانية في منطقة الضفة الغربية، ضمن مرحلتين: المرحلة الأولى، اشتملت على إجراء مقابلات مع أربعة من الجرحى ممن كانوا نشيطين نضاليا ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي في شتاء عام 2010، ومن خلال هذه المقابلات تم تحديد المحاور الأولية كخطوة في تحديد العناصر واسنادها لأسسها النظرية، وتم عرضها في أحد المؤتمرات المختصة بمجال علم النفس الاجتماعي والمجتمعي في جامعة العلوم والتكنولوجيا في النرويج NTNU. وفي المرحلة الثانية، تم البناء على المقابلات الأولى بإجراء تسع مقابلات جديدة في ربيع عام 2011 كانوا أيضاَ من النشطاء في الحركة النضالية ضد الاحتلال، وعرضت النتائج مجتمعة ضمن محاور في مؤتمر في جامعة بير زيت لطلبة الدراسات العليا لأخذ ملاحظات وتطوير الدراسة بناء عليها.
الإطار النظري للدراسة
هذه الدراسة قامت على نظرية الهوية الاجتماعية Social Identity التي عمل Tajfel على تطويرها وجملة من الباحثين في ميدان علم النفس الاجتماعي في أوروبا. وبالعودة لجذور نظرية الهوية الاجتماعية، فقد ميزت نفسها عن مدرسة علم النفس الاجتماعي الأمريكية والتي اهتمت بالمجموعات الأولية الصغيرة وتركيزها على انتماء الأفراد للمجموعات الاجتماعية الكبرى وعلاقة القوة والصراع بينها، حيث أن مفهوم الجماعة يختلف عن مفهوم الفئات الاجتماعية من حيث ميزة العلاقة النفسية المشتركة بين أعضاء المجموعة والوعي لدى أفرادها بكونهم يملكون هوية جماعية مشتركة ومصير جماعي مشترك، حيث أن الوعي الجماعي والشعور المشترك بالانتماء للمجموعة يشكل العامل النفسي الأهم في تعريف التكتل البشري أو فئة اجتماعية على أساس كونها مجموعة لها هوية مشتركة بالمعنى النفسي لمفهوم الهوية الجماعية. وبهذا الحس والمنطلق، يمكن تعريف المجموعة على اعتبار الاعتماد المتبادل على التفاعلات بين الأعضاء، الأنظمة لأدوار العلاقات أو الأهداف المتبادلة، بحيث يعرف الأشخاص أنفسهم في الجماعة. لذلك، وبهذا المفهوم فإن المجموعة هي:”ترابط للأفراد الذين يدركون أنفسهم كأعضاء في نفس التصنيف الاجتماعي، يشاركون نفس المشاركات العاطفية في ظل التعريف المشترك لأنفسهم ويحققون بعض الامتيازات للإجماعات الاجتماعية حول التقييم لمجموعتهم وعضويتهم في المجموعة”( , p: 15 Worchel & Austin 1986من Sherif 1967).
وبذلك، فإن الهوية الاجتماعية تشكل جزءا من مفهوم الفرد الذاتي، الناتج من وعيه لكونه عضوا في جماعة أو عدة جماعات ويضيف إليها الاعتبارات المتعلقة بالقيم، العاطفة التي ترد لتلك العلاقة. نظرية الهوية الاجتماعية ترى بأن هناك مركبين في مفهوم الفرد لنفسه: الهوية الفردية وأخرى الجماعية، حيث أن الهوية الفردية تشتمل على صفات شخصية كالشعور بالاكتفاء، الصفات النفسية والقيم الشخصية. بينما الهوية الجماعية، فهي تشكل نتاج معرفة الفرد ومشاعره تجاه عضويته في الجماعة التي ينتمي إليها، حيث أن هذا الانتماء لا يشترط العلاقة الشخصية المباشرة أو التفاعل المباشر بين جميع أفراد المجموعة، لكن العامل الأساسي يتمثل بالشعور النفسي لدى كل فرد بالانتماء ووحدة المصير الذي يربط أعضاء الجماعة ببعضهم البعض (زايد 2006، من Tajfel 1981).
بهذا المنحى، فإن السلوك الاجتماعي للأفراد ينتمي للجماعات المميزة ويمكن إدراكه لتوجه الجماعة وفكرة الصراع قائمة على أن إحدى الجماعات تكون فائزة والأخرى خاسرة، وفي دراسات Tajfel 1970-1971، وجدت أن التمييز داخل الجماعة يتواجد في ظروف الحد الأدنى من الدمج الاجتماعي وغفلة العضوية الجماعية (Worchel & Austin 1986، من Tajfel 1970-1971)، والناس عادة يميلون لتفضيل مجموعتهم الداخلية التي ينتمون لها وينحازون لها مقارنة بالمجموعات الخارجية، حتى في ظل غياب الصراع والتنافس المباشر مع المجموعات الأخرى. وبذلك، تزيد درجة الالتصاق بالمجموعة والانحياز لها والدفاع عنها في حالات تواجد صراع مع المجموعات الأخرى، وهذا بدوره يقود إلى ما طرحه (Tajfel and Turner 1986) في وجود علاقة متبادلة بين تفضيل الأفراد لجماعتهم الداخلية وبين تقديرهم لذاتهم (self-esteem) الناتج من عضويتهم في هذه الجماعة أو من الهوية الجماعية، حيث أن الإنسان دائم السعي للحفاظ على هوية جماعية إيجابية، وما ينتج عنها من تقدير ذاتي جماعي بنفس الدرجة التي يحتاجها للمحافظة على تقدير ذاتي شخصي إيجابي، حيث أن هناك حاجة نفسية داخلية للشعور بشكل إيجابي تجاه الذات، فيصل الأفراد لتقدير الذات الجماعي عن طريق مقارنة اجتماعية بين الجماعة التي ينتمي لها الفرد وبين الجماعات الخارجية ذات العلاقة (زايد 2006، من Tajfel& Turner 1986).
وفي سياق الحديث عن الهوية الإثنية والدراسات المتعلقة بهذا الشأن، والتي أحدثت نظرية الهوية الاجتماعية العديد من التطورات في المنحى والكيفية التي جاء بها علم النفس الاجتماعي في أمريكا الشمالية، فقد قدمت Jean Phinney آلية لتطور الهوية الإثنية لدى الأقليات في أمريكا والذي يتناول أبعاد ما طرحه Tajfel و Erikson، حيث أن هذه الآلية تتمثل في كون وصول الفرد إلى استكشاف هويته وإعطائها ملامحها التي تميزها عن غيرها، يشكل أحد أهم جوانب التطور النفسي في المراهقة لدى الأفراد. والآلية التي جاءت بها Phinney، ترى بأن هناك مراحل يمر بها المراهقون من ذوي الأقليات، بدءاً من بمرحلة الهوية الإثنية الغير مفحوصة؛ والتي يتقبل خلالها المراهقون بشكل عام مواقف الغالبية تجاه المجموعة التي ينتمون إليها،مروراً بمرحلة البحث والاستكشاف لهويتهم الإثنية، والتي تأتي في سياق تعرض المجموعة الإثنية لحالة من التمييز أفراداً أو جماعات، وصولاً إلى مرحلة إنجاز الهوية، والتي من خلالها يصل المراهقة إلى عمق الوعي والإيمان بكونه عضواً في مجموعته، وقد بينت الدراسات بأن هناك علاقة إيجابية بين المراحل المتقدمة من تطور الهوية الإثنية وبين التقدير الذاتي والتوافق النفسي من جهة أخرى، فالأشخاص الذين وصلوا لمراحل متقدمة من مراحل تطور هويتهم الإثنية، ضلعوا في نشاطات ثقافية سياسية تعبر عن مضمون هويتهم وثقافتهم الإثنية ( ,Phinney, 1989, 1995; مكاوي، 2002)
هذا الأمر، يؤدي لزيادة وتقوية الإحساس الفردي بهذه الهوية واعتبارها جزء من تعريف الفرد لذاته كما أنه يحمي الأفراد المنتمين لهذه الهوية ولهذه المجموعة من التمييز والاضطهاد على المستوى الجماعي. كما وجد (Mossakowski, 2003 Simon, 2004;)، أن الهوية الإثنية تعمل كمصدر للتكيف (Coping) ويكون الالتزام بها بمثابة عامل يدفع نحو التكيف الذي يمنع الشعور بالتوتر الناجم عن اضطهاد المجموعات الأخرى للأفراد الموجودين ضمن المجموعة الإثنية، كما وأنها تعمل على منع استدخال الأفكار النمطية السلبية تجاه المجموعة التي ينتمون لها ومنع استدخالها وانعكاسها على مفهوم الأفراد لذواتهم. كما أن الأشخاص الذين كانوا نشيطين وضليعين في نشاطات سياسية وثقافية تعبر عن مضمون وفحوى هويتهم وثقافتهم الإثنية، كانوا قد وصلوا لمراحل متقدمة من تطور هويتهم الإثنية. الأمر الذي يفسر بوضوح كيفية مواجهة الأقليات لحالات التمييز العنصري والاضطهاد التي لاقوها على يد الأغلبية في المناطق المختلفة كجنوب إفريقيا والأقليات السود في أمريكا (Phinney, 2007). حيث أن الوعي لهويتهم الإثنية شكل لديهم حصانة ومناعة نفسية ضد أشكال التمييز والاضطهاد التي كانت تمارس ضدهم. وبذلك، يكون الأفراد قد استدخلوا مفهوم هويتهم الإثنية وغدت تشكل جزءاً أساسياً من مفهومهم لذاتهم، فتكون قيمة الفرد وتقديره لذاته جزء لا يتجزأ من قيمة مجموعته وتقديره لها وافتخاره بانتمائه لهذه المجموعة.
إن التمييز ضد جماعات معينة كالأقليات الإثنية، يقوم على فكرة “حرص أفراد جماعة الأغلبية على منع أفراد جماعات الأقلية من الحصول على الفرص نفسها التي يحصلون عليها باعتبارهم أعضاء في الأغلبية. أو بمعنى آخر، هو سلوك سلبي يصعب تبريره تجاه جماعة أو تجاه أعضاء هذه الجماعة” (زايد 2006 عن، Myers 1993,1996، ص74). حيث يهدف هذا السلوك إلى حصر وإنكار الفرص الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أو أي فرص أخرى عن أفراد بعينهم أو جماعات من الناس بالرغم من أحقيتهم في المساواة بينهم وبين الآخرين (زايد 2006، عنBergmann 1994 ).
هذا يجعلنا في نطاق الحديث عن الهوية الاجتماعية نتطرق إلى مفهوم الحرمان النسبي (Relative Deprivation)؛ القائم على إدراك الأشخاص لوجود حالة من التضارب بين توقعاتهم القيمية وقدراتهم على تحقيق هذه التوقعات. وكمحصلة لذلك، يقوم الناس بالتمرد على ظروفهم عندما يشعرون بكونهم محرومين بالنسبة لأشخاص أو جماعات خارجية. وبالتالي، يشكل المقارنة مع الآخر والاقتناع بحق الفرد في الحصول على نفس الامتيازات التي يتمتع بها الآخر هو العامل الأساسي للحرمان النسبي، وقد يكون الحرمان النسبي على المستوى الفردي عند مقارنة الأفراد وضعهم الشخصي بوضع آخرين من نفس الجماعة التي ينتمون إليها وعلى المستوى الجماعي؛ عند شعور الأفراد أن جماعتهم الداخلية محرومة مقارنة بجماعات خارجية ذات علاقة. وبذلك، فإن هذا المفهوم يمر في مراحل ثلاث:(المستوى العقلي؛ إدراك حالة الحرمان، المستوى الانفعالي؛ الشعور المترتب على هذا الحرمان وعلى مستوى الفعل أو السلوك؛ والذي يحرك باتجاه المنافسة).
وبالتالي، فإن قوة وجود الهوية الاجتماعية شرط أساسي لإدراك حالة الحرمان النسبي الجماعي. ونظرية الحرمان النسبي تعد نظرية وجدانية تذهب إلى أن المشاعر الوجدانية للوجود المليء بالحرمان تكون مصدرا للعداء بين الجماعات، خاصة عندما يصل الأفراد لمرحلة يشعرون بحالة من الحرمان النسبي من جانب الآخرين، فيعمدون للتعبير عن استيائهم في شكل خصومة جماعية صريحة، هذا يتعلق بالحديث عن الحرمان النسبي على المستوى الجماعي( زايد 2006 عن، Sears et all 1991).
من خلال ما عرض سابقاً حول مفهوم الهوية الإثنية ودراسة Phinney,1989)) للأقليات، فقد لاحظنا كيف يساهم الانتماء للمجموعة الإثنية في تخفيف حدة الاضطهاد الذي يمارس ضدها كالسود مثلاً في أمريكا. وكلما زاد الشعور بأهمية الجماعة والانتماء لها، خفف ذلك من الآثار السلبية المترتبة على اضطهاد هذه الجماعات، حيث تبدأ الأقليات والجماعات المضطَهدة في حالة الصراع بين الجماعي القائم على التوزيع الغير عادل للمصادر. الأمر الذي يؤدي إلى أن الجماعات التابعة والأقليات ترفض سيطرة الجماعات الأخرى وتبدأ العمل باتجاه تطوير هوية إيجابية للذات. والجماعة المسيطرة قد تلجأ إلى استخدام وسائل مختلفة لتحافظ على وضعها وخلق مزيد من الاختلاف. لكن من جهة أخرى، الانتماء لعضوية جماعة والشعور بتميزها والبدء ببناء هوية إيجابية نابعة من الشعور بالرضا للانتماء لهذه الجماعة، يخفف من حدة الآثار السلبية الناتجة عن اضطهاد هذه الجماعة. وبالتالي، إدراك القيم الإيجابية التي تجمع كل الأفراد المنتمين لهذه المجموعة. فإذا كان الحال بالنسبة للأقليات يقوم على هذه الوتيرة من الانتماء لهوية معينة، فما حال الجماعات الأخرى المضطَهدة في سياقات أخرى من ملامح الاضطهاد؟ كالأفراد الذين يتم اضطهادهم في بيئة الحرب والمعرضين لأنواع شتى من الظلم والحرمان والعدوان. ما الذي يدفع تلك الجماعات للصمود في وجه كل أشكال العدوان والاضطهاد؟
بناء على ذلك، وبالتطرق لخصوصية المجتمع الفلسطيني، فالفلسطيني فلسطيني لأن وطنه يختلف عن وطن الآخرين، فهو يدرك أهداف هويته، هو يعرف أنه فقد وطنه لوجود آخر اغتصبه بقوة السلاح (من موقع alzaytouna، في مقال بعنوان الهوية الفلسطينية في عصر العولمة، لغسان سلامة، والمحمل بتاريخ 4\3\2011)، فوعي الضحية بأسباب اضطهادها، يؤدي لنقل طاقتها من مستوى الانفعال الذي يكون فيه التفكير محدود، إلى مستوى عقلاني يدفع بالعمل التحرري إلى الأمام. فالهوية تتكون بفعل التجربة. فالفلسطيني الواعي لهويته، يستطيع إدراك الشروط التي ساهمت في إعطائه هوية تختلف عن غيرها ويعمل في سبيل تحريرها من الوجوه السلبية والارتقاء بها لحالات أعلى. فالفلسطيني، هو الذي لا ينتمي إلى فلسطين بالمعنى الجغرافي، إنما إلى قضيتها الفلسطينية، من حيث كونها قضية وطنية- سياسية، بالمعنى المجازي. وفلسطين بمعناها الفعلي، تتمثل في تجربة الفلسطينيين الموزعة على الشتات والمنفى والصبر والكبرياء والتضحية ( دراج، 2008).
إن الواقع السياسي للاحتلال، يضفي نوعا من التعامل الخاص ما بين الفرد والبيئة التي يوجد في إطارها؛ فالأداء الوظيفي النفسي للفرد يعتمد على الأحداث البيئية بدرجة كبيرة والفرد النشط يبحث باستمرار عن معلومات في بيئته وفحص هذه المعلومات، للعمل على إحداث تأثير في بيئته. وعلى أساس من ذلك، يعمل على تعديل استراتيجياته في التعامل للتفاعل مع بيئته (بوناماكي، 1988).
ولعل إدراك الفلسطيني لماهية هذه الهوية، قد يكون عاملا في تحقيق حالة من التوافق النفسي والجلد في أعقاب تعرضه المستمر لأشكال مختلفة من العدوان العسكري الإسرائيلي الذي يضرب مقومات الصحة والمناعة النفسية لديه. فالواقع الفلسطيني والذي توالت عليه احتلالات متعددة من وصاية وانتداب واحتلال، لا يزال أفراده يعيشون تبعيات الحرب منذ بداية الاستيطان حتى اللحظة وما يمارس ضدهم من اجتياحات واغتيالات واعتقالات.
ما الذي يدفع هكذا شعب للتصدي لكل هذه الأشكال المختلفة للعدوان؟ ما الذي يساهم في إعادة توافقهم النفسي بعد التعرض للعدوان؟ كيف يستدخل من هو في بيئة الحرب فكرة الاعتداء عليه؟ ما الذي يحصنه نفسياً تجاه الآثار السلبية المترتبة على الصدمات التي يتعرض لها؟ هذه الفكرة، وهذا التساؤل شكل الأرضية التي استندت عليها لمعرفة ما الذي يقف وراء صمود الأفراد في المجتمع الفلسطيني وهل الانتماء لهوية معينة تجمع كل الأفراد المعرضين لنفس الاضطهاد يخفف من حدة الآثار النفسية للصدمات الناتجة عن الحروب أم لا؟
وكما هو معروف، فإن الحروب تحمل الألم والموت والمعاناة، حيث أن الأثر النفسي الذي يترك على الأفراد الذين عاصروا الحروب وعايشوا الرعب والقلق وفقد الأعزاء وهدم البيوت، يظل أثره في النفس البشرية طويلاً. فالتدمير النفسي هو السلاح الأكثر فتكاً بالتوزان النفسي للمدنيين، لا سيما الأطفال، فالكبار يصنعون الحروب ويقع ضحيتها الصغار والحروب لا تحمل الأذى النفسي فقط، إنما أيضا تحمل العجز والأذى الجسدي الذي يستهدف طاقات المجتمع ويحول فئاته من منتجين إلى معتمدين على غيرهم ( Martz, 2010).
لذلك، فالأحداث والبيئة الضاغطة، يمكن لهما أن يؤثرا في سلامة الفرد وأدائه النفسي، فإذا كانت الضغوط قاسية أو طويلة الأمد، يمكن لها أن تؤدي لحالة من التدهور في الصحة الجسمية والنفسية من خلال الاستجابة للضغط النفسي ( Levi, 1973). وعدم التوازن يحدث بسبب المطالب البيئية أو عدم كفاية الموارد الذاتية للفرد للرد على هذه المطالب التي تؤثر في حالة التوازن والتوافق النفسي للأفراد ضمن هذه الظروف (بوناماكي، 1988).
وفيما يتعلق بالتجارب الصادمة، فإنها تشمل الأحداث الصادمة الخطيرة والمربكة والمفاجئة وتتسم بقوتها الشديدة أو المتطرفة وتسبب الخوف والقلق والانسحاب وتختلف في ديمومتها من حادة لمزمنة ويمكن أن تؤثر في شخص بمفرده كالتعرض للعنف أو المجتمع ككل كالزلازل والأعاصير والاجتياحات والحروب. فاضطراب ما بعد الصدمة PTSD، ذكرته العديد من الدراسات والأعراض التي تدلل عليه؛ كإعادة الحدث الصادم من خلال الأحلام والكوابيس (Valli, 2006) واسترجاع الذكريات (المشاعر، الأماكن)، تقليل الاهتمام بالنشاطات العادية، العزلة، تغيير الاهتمام بالمستقبل، صعوبة التركيز وغيرها من الأعراض. وهذا بدوره يشكل المحور الذي سأنطلق منه هنا في مراجعة ما ذكرته الدراسات المختلفة والأدبيات حول هذا المفهوم وكيفية التعاطي معه عند دراسة المجتمعات المعرضة للاضطهاد في بيئة الحرب.
يتكون مقياس الـ PTSD؛ (Post Trumatic Stress Dissorder) والذي يستخدم لقياس تأثير الخبرات الصادمة من (17) بند والتي تماثل الصيغة التشخيصية الرابعة للطب النفسي الأمريكية ويتم تقسيم بنود المقياس إلى ثلاثة مقاييس فرعية وهي:
أولاً: استعادة الخبرة الصادمة وتشمل البنود ” 1. 2. 3. 4. 17″.
ثانياً: تجنب الخبرة الصادمة وتشمل البنود ” 5. 6. 7. 8. 9. 10. 11″.
ثالثاً: الاستثارة وتشمل البنود ” 12. 13. 14. 15. 16″.
ويتم حساب النقاط على مقياس مكون من خمس نقاط من ” صفر- أربعة”، ويكون سؤال المفحوص عن الأعراض في الأسبوع المنصرم من التعرض للحدث الصادم، ويكون مجموع الدرجات للمقياس “153” نقطة.
أما فيما يتعلق بتشخيص الحالات التي تعاني من اضطراب ما بعد الصدمة، فيكون من خلال حساب عرض من أعراض استعادة الخبرة الصادمة، ثلاثة من أعراض التجنب للحدث الصادم وعرض من أعراض الاستثارة (DSM IV).
بغض النظر عن كون مقياس الـPTSD، مقياس من المفترض أنه معياري عالمي موضوعي، يمكن تطبيقه دون تحفظ أو تعديل على كل البشر مهما كانت ثقافتهم وانتماءاتهم ولغتهم وتاريخ حياتهم. لكنه مقياس ظهر في سياق اجتماعي محدد، حيث أن مقياس الـ PTSD هو مقياس أمريكي بحت ولا يمكن فصل منهاجه ومضمونه ونوعية نتائجه عن سياق المرحلة التاريخية الني نشأ خلالها في تطور الثقافة الغربية الأمريكية. فالـ PTSD جاء وليدا لفترة ما بعد الحرب التي خاضتها الولايات المتحدة الأمريكية في فيتنام. تم تطوير هذا المقايس كجهاز تشخيص معترف به، يتم من خلاله منح الجنود العائدين من فيتنام شهادة طبية بالمرض والعجز النفسي عن العمل والاعتناء بأنفسهم وعائلاتهم، وذلك يؤهلهم للتعويض المادي مدى الحياة؛ لتغطية تكاليف إعالتهم ومصاريف العلاج النفسي المكثف لعدة سنوات. الأمر الذي أدى إلى أن هذا المقياس قد حول الجنود العائدين من حرب فيتنام من أبطال في عيون البعض ووحوش ومجرمي حرب في عيون البعض الآخر إلى ضحايا للصدمات النفسية الناتجة من طبيعة الحرب التي أدخلتهم فيها القيادة السياسية العسكرية الأمريكية. ذلك يعد من أهم ما يميز طبيعة مقياس الـ PTSD ونتائجه، في كونه يحول الناس من مكافحين لضحايا ومن أبطال لمرضى عاجزين بحاجة للدعم والعلاج والعناية ومن فكرة تكيف فردي فعال مع الصدمات لبؤرة عقد ومشاكل لا يتم التغلب عليها إلا من خلال اللجوء لعيادات الأطباء والمختصين النفسيين. كما غدا مقياساً ووسيلة قانونية لتحويل مجرمي الحرب إلى ضحايا. وقد استخدم للدفاع عن جرائم الحرب ومنفذيها في مناطق كجنوب إفريقيا والبوسنة ودول البلقان، فهو شهادة طبية قانونية تثبت أن جرائمهم المتعمدة ما هي إلا أعراض لمرض غير مسؤولين عنه (كناعنة ونتلاند، 2003 ).
هناك الكثير من المآخذ والانتقادات على مقياس الـ PTSD؛ فقد تطور هذا المفهوم خارج الاحتياج لفهم الآثار التي ترتبت على الجنود الأمريكان الذين قاتلوا وعادوا لبلادهم. وفي الوقت ذاته، دعم متخصصو الصحة النفسية استخدامه كتصنيف مشخص لعلاج الجنود، للحصول على الخدمات النفسية والتعلم عن الآثار المدمرة للحرب على فاعلية الأفراد(Hernandez, 2002، عن Hermin, 1992). كما أن أحداث العنف التي يسأل عنها في المقياس تختار بالاعتماد على معرفة الباحث المسبقة بجو العنف في موقع الدراسة. الأمر الذي يعني اختلاف أحداث العنف المدروسة من باحث لآخر حسب خلفيته ومدى اطلاعه على المصادر التي يأخذ منها معلوماته (كناعنة ونتلاند، 2003 ). وهذا التصنيف لا يتلاءم مع كافة ضحايا الحروب في كل العالم، حيث أن تصنيف خدمات الـ PTSD تعد مساعدة للتشخيص مقارنة بوصف خبرات الضحايا النفسية (2Hernandez, 200، من Janaff-Bulman, 1992).
وبالتالي، هذا المقياس لا يأخذ بعين الاعتبار خصوصية الثقافة والمجتمع الذي يجري فيه تطبيق المقياس؛ حيث أن طريقة التفاعل والتعاطي مع الأحداث الصادمة تختلف من مكان لآخر ومن ثقافة لأخرى. بالتالي، انطلاق هذا المقياس من افتراض أن جميع الأشخاص يستجيبون للحدث الصادم بنفس الطريقة هو أمر غير صحيح. وهذا بدوره ينتقد الفكرة التي يقوم عليها هذا المقياس في اعتباره عالمي وأنه من الممكن تطبيقه على جميع الأفراد، ضمن الظروف الصادمة والتي تحمل الطابع العدواني الذي من شأنه أن يؤثر في التوافق النفسي للأفراد ويؤثر على مدى فعاليتهم في التعاطي مع الأحداث والأشخاص حولهم بعد التعرض للحدث الصادم. إنما هو ادعاء بالعالمية وليس عالميا فعلا؛ فالثقافة تشكل مجمل المنظومات التي تقرر طريقة حياتنا في المجتمع. لذلك، عند التعاطي مع هذا الجانب، لا بد وأن يتم الأخذ بعين الاعتبار الجانب الثقافي والسياق الاجتماعي الذي يوجد في مداره الأفراد، كونهم يتأثرون به ويؤثرون فيه.
وقياسا على المجتمع الفلسطيني، عندما نسعى كأخصائيين نفسيين للتعاطي والتعامل مع الظواهر النفسية التي تبرز فيه، لا يمكن علاجها بمعزل عن واقعها الذي نتجت فيه وبمعزل عن السياق الاجتماعي والثقافي الذي يحتويها؛ لتصميم آلية تدخل فعالة وناجحة، فالحركات التي تتولى الدفاع عن الناس المحرومين والمضطَهدين، لا بد وأن تنسجم مع السياق الثقافي (Burton & Kagan, 2003). لذلك، فعند دراسة القضايا ذات الأبعاد النفسية في المجتمع العربي، لا بد من مراعاة خصوصية المجتمع؛ كوننا أخصائيين نفسيين نتعاط مع الأبعاد النفسية والثقافية للمجتمع. فمثلا نظرا لتوالي الصدمات على المجتمع الفلسطيني بسبب ظروف الاحتلال، هذا الأمر يخلق حالة من الاضطرابات النفسية للأفراد، لا سيما أننا مجتمع يتعرض للاعتقالات والاجتياحات، فتطبيق مقياس PTSD الذي جاء بالأساس لقياس مقدار التعرض للصدمة للجنود الأمريكان بعد حرب فيتنام، لا يكون بتلك الفاعلية كما هو في فعال في السياق الذي نشأ فيه. وهذه مشكلة المقاييس النفسية التي تطبق على واقعنا، والتي تعد منفصلة عنه بشكل كبير، كما أوردت سابقا (كناعنة، ونتلاند، 2003).
وبالنظر للجانب المنهجي في الدراسات التي تناولت موضوع الصدمة النفسية في السياق الفلسطيني، فإن غالبيتها اعتمدت على المنهج الكمي في التعاطي مع معطيات هذا المفهوم. الأمر الذي يعني إسقاط كثير من الحالات عند التعامل مع معاملات الارتباط، كما أن الأبحاث في مجال الصحة النفسية في فترة الانتفاضة الثانية، ركزت على نتائج التعرض للعدوان العسكري والصدمة الناجمة عنه، “لتطوير صناعة الـ PTSD”. هذه البحوث كانت بعيدة أو قليلة العمل على المستوى المجتمعي الذي يقدم الخدمة والدعم للضحايا الفلسطينيين جراء العدوان العسكري عليهم (Makkawi, 2009). والثغرة الأخرى في هذه الأبحاث أنها تقيس الصدمة على المستوى الفردي “micro”، في حين أنها تحدث ويتعرض لها الأفراد على المستوى الجماعي ” “macro، فهي لا تأخذ بعين الاعتبار الهوية الجماعية والوقوف على دورها في إحداث حالة من التكيف مع الحدث الصادم (Makkawi, 2004).
بمعنى، أن الإنسان الفلسطيني يتعرض للعدوان العسكري كونه عضو في جماعة هي “الشعب الفلسطيني”، وليس لكونه فرداً له مواصفات وسمات محدودة أو أنه تعرض للصدمة بفعل الكوارث الطبيعية. فالصدمة في سياق العدوان العسكري، هي صدمة مقصودة وجماعية. وبالتالي، هو يعيشها بشكل جماعي، أي ما هو مشترك بينه وبين باقي أعضاء الجماعة الذين يتعرضون لنفس العدوان ومن نفس المصدر.
لذلك، لا بد من الاهتمام بمفهوم الجماعية في تحليل سياقات العنف والتعرض للصدمة، حيث أنه في كثير من الأحيان قد تكون المجموعة المنتمي إليها الفرد والمكان الذي يعيش فيه، من ضمن المحددات الأساسية لمقدار التعرض للعنف والتركيز على الأحداث المتعلقة بالفرد مع إهمال النظر للسياق والمجتمع المحيط، يؤدي لإفراط غير مجدي في تركيز الاهتمام على العلاج الفردي كالإرشاد الفردي، بينما يكون بالإمكان تحقيق حالة من التعافي من خلال التركيز على توثيق النسيج والدعم الاجتماعي الذي قد يكون معرض للضعف والتراجع في أوقات النزاعات والحروب في بعض البيئات رغم دورها في إحداث حالة من استعادة التوافق النفسي للأفراد ضمن ظروف الحرب والظروف الضاغطة التي تؤثر سلباً على حالة الاتزان النفسي للأفراد ( جقمان وآخرون، 2004) (Johnson & Chronister, 2010).
منهجية الدراسة
كون الدراسات التي تناولت موضوع الصدمة النفسية في السياق الفلسطيني ذات منحى كمي، ذلك يعني إسقاط العديد من الحالات عند التعامل مع معاملات الارتباط، بحيث يتم استثناء عدد كبير من أنواع أحداث العنف لاعتبارات إحصائية بحتة، فلا يبقى في الدراسة عن تأثير العنف على الصحة النفسية سوى عدد بسيط جدا، وهذا ما تطرق إليه أيضا (كناعنة ونتلاند، 2003) في نقدهما لاستخدام هذا المقياس في التعامل مع حالات التعرض للعنف.
من هنا تأتي فلسفة استخدام المنهج الكيفي في هذا النوع من الدراسات؛ لإخراجها من قالبها الجامد الذي تحكمه الأرقام؛ فمن خلال البحث الكيفي، تظهر نتيجة التعرض للعنف السياسي والتعامل مع الخبرات الصادمة. فكما أشار ( Yahia, 2007)، إلى أن البحث الكيفي يعزز فهم هذه الظواهر ضمن عناصر الموضوع والإدراك الشخصي للعائلات الفلسطينية، كما أن الشمولية والطبيعة الواقعية للبحث الكيفي، تضيف أبعاداً مهمة لدراسة هذه الظاهرة، في حين أن البحث الكمي يوضح مدى انتشار وتواجد هذه الظاهرة. وعند تناول هكذا نوع من الدراسات التي تتطرق لدراسة واستكشاف مفهوم الصدمة من منظور جماعي والتي تم تناولها بهذا المفهوم لأول مرة، فهو أنسب من المنهج الكمي في التعاطي معها لا سيما في المراحل الاستكشافية للمواضيع التي يتم تناولها لأول مرة. حيث أن تناول العامل البيئي والجماعي للتكيف، تم من خلال دراسات مثل التي أجرتها (بوناماكي، 1988) في السياق الفلسطيني، لكنها تناولتها بمنهج كمي، اختزل كثير من العوامل المؤثرة على التوافق النفسي، ضمن عدد محدود جداً من المتغيرات.
تمثل مجتمع الدراسة في جرحى الانتفاضة الثانية في منطقة الضفة الغربية من مناطق الوسط والشمال وضمن التجمعات السكانية (مدينة، مخيم، قرية) ثلاثة عشر جريح وجريحة؛ عشرة من الذكور وثلاثة من الإناث وبأعمار مختلفة ومشاركة نضالية مختلفة؛ إضافة إلى وجود تباين في درجة التأثر من العدوان العسكري؛ لقياس هدف الدراسة والتوصل إلى تصور وفهم واضح لطبيعة العوامل التي ساعدتهم على تجاوز الآثار التي سببها التعرض للصدمة الناجمة عن التعرض للعدوان العسكري الإسرائيلي، إضافة لمعرفة فيما إذا كان هناك دور للهوية الجماعية في تحقيق التوافق النفسي للأفراد عقب التعرض للعدوان العسكري.
توصلت لهؤلاء الأشخاص من خلال استخدام عينة كرة الثلج؛ بحيث يقوم كل شخص مشارك بقيادتنا لشخص آخر بنفس مواصفات الأفراد الذين شاركوا في الدراسة “التضرر بفعل العدوان العسكري” ومن خلال المؤسسات التي تعنى بهم، كمؤسسات الدعم النفسي. وقمت بسؤالهم بشكل معمق حول تجربتهم مع العدوان العسكري، كما وتطرقت معهم للجوانب ذات العلاقة بموضوع التوافق النفسي وتصنيفها ضمن محاور تجمع رؤية المشاركين في الدراسة حول الحدث وحول العوامل المشتركة التي ساعدتهم على استعادة التوافق النفسي في أعقاب التعرض للعدوان العسكري الإسرائيلي.
جاء جمع المعلومات من المشاركين في الدراسة على مرحلتين؛ المرحلة الأولى، اشتملت على إجراء مقابلات مع أربعة من الجرحى ممن كانوا نشيطين نضاليا ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي في شتاء عام 2010، ومن خلال هذه المقابلات تم تحديد المحاور الأولية كخطوة في تحديد العناصر واسنادها لأسسها النظرية وقد قمت بعرض هذه النتائج الأولية في أحد المؤتمرات المختصة بمجال علم النفس الاجتماعي والمجتمعي في جامعة العلوم والتكنولوجيا في النرويج NTNU. حيث أنه من خلال عملية التحليل الأولي للبيانات التي حصلت عليها من المشاركين في الدراسة، ظهر بأن الهوية الوطنية الفلسطينية قد شكلت عاملاً أساسياً في دفع المشاركين للنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي وفي ذات الوقت، شكلت عاملاً محورياً ساعدهم على تجاوزهم الأثر النفسي الذي سببه تعرضهم للاعتداء العسكري. من هذا المنطلق، جاء العمل في المرحلة الثانية من جمع البيانات، والتي من خلالها، بنيت على المقابلات الأولى من خلال إجراء تسع مقابلات جديدة في ربيع عام 2011 وكانوا نشطاء في الحركة النضالية ضد الاحتلال، وقمت بعرض النتائج مجتمعة ضمن محاور في مؤتمر في جامعة بير زيت لطلبة الدراسات العليا لأخذ ملاحظات، وطورت الصورة النهائية للدراسة بناء عليها، إضافة لأخذ التغذية الراجعة والمستمرة من قبل المشرف على الدراسة، والتي ساهمت بشكل كبير في تحديد محاور الدراسة في صورتها النهائية وإعطائها معنى من خلال ربطها بما طرحته الأدبيات التي تناولت الموضوع، ناهيك عن ملاحظات لجنة النقاش والتي وجهت عمل هذه الدراسة بشكل أعمق نحو تحليل البيانات والمضي بها نحو التأسيس للعمل المستقبلي لهذه الدراسة.
استناداً على ما ذكر سابقا، قمت في هذه الدراسة بإجراء مقابلات كيفية معمقة مع عدد من جرحى الانتفاضة الثانية في الضفة الغربية والبالغ عددهم (13) جريح وجريحة من مناطق الوسط والشمال للضفة الغربية، إضافة إلى توزعهم ضمن تجمعات سكنية مختلفة (مدينة، قرية، مخيم) وضمن أعمار مختلفة الذين تعرضوا لعدوان عسكري، حيث ركزت المقابلات على التجربة الصادمة التي تعرضوا لها بفعل العدوان العسكري الإسرائيلي بأثر رجعي؛ بمعنى أنني قمت بإجراء مقابلات كيفية معمقة معهم وذلك بالرجوع بهم إلى سنوات التعرض للحدث الصادم وليس إجراء المقابلات في أعقاب الحدث كما هو حال معظم الدراسات. وذلك بهدف معرفة العوامل التي ساهمت في تحقيق التوازن النفسي لهم في أعقاب التعرض للصدمة الناجمة عن العدوان العسكري. حيث تم من خلال هذه المقابلات الوقوف على الجوانب المشتركة التي تجمع الأفراد المشاركين في الدراسة، في كيفية تعاطيهم مع الحدث الصادم الناجم عن العدوان العكسري ومنها نبني “النظرية”، نضيف لها أو نضحد بعض مفاهيمها بناء على قراءة المبحوثين أنفسهم للحدث وكيفية تعاطيهم معه.
قمت بتسجيل المقابلات التي أجريت مع المشاركين في الدراسة صوتياً؛ لأخذ صورة أوضح من خلال الحديث عن التجارب الشخصية مع المتضررين بفعل العدوان العسكري وكيفية انعكاس هذه التجربة على حياتهم وكيفية تعاطيهم معه. حيث كان تسجيل كل مقابلة مدة ساعة ونصف تقريبا. ومن ثم، قمت بتفريغ جميع المقابلات المسجلة بشكل حرفي وباللغة المحكية للمشاركين في الدراسة. وذلك بهدف الحفاظ على روح ومضمون الفكرة تماماً، كما طرحها المشاركون.
عملية معالجة وتحليل البيانات التي حصلت عليها من خلال المقابلات التي أجريتها مع المبحوثين، جرت من خلال استخدام خطوات النظرية المجذرة (Grounded Theory)؛ والتي تعتمد على تشكيل محاور الدراسة من البيانات التي يحصل عليها الباحث من المبحوثين أنفسهم. بحيث يتم القيام بالتعمق في وجهة نظر المبحوثين أنفسهم بشكل استقرائي؛ (من الواقع إلى النظرية)، من خلال الوقوف على النقاط المشتركة التي تم الحصول عليها من المبحوثين أنفسهم والعودة بها للنظرية لمعرفة أين تدعم النظرية طبيعة النتائج التي توصل إليها وأين اختلفت معها. بحيث قمت بعملية دمج للمواضيع ذات المعنى النظري المشترك؛ كخطوة في عملية التحليل الكيفي للبيانات (مكاوي، 2002). وبالتالي تشكيل محاور (Themes) نظرية من البيانات التي حصلت عليها من المبحوثين( Glaser & Strauss, 1967). هذا بدوره، أدى للخروج بأربعة مواضيع نظرية، تصب في إطار التوافق النفسي الجمعي للمتضررين من الاعتداء العسكري، وذلك على النحو الآتي.
نتائج الدراسة
أولاً: الهوية الجماعية، كعامل محفز للمشاركة في العمل النضالي ضد الاحتلال وعامل حماية للأفراد من الآثار النفسية الناجمة عن التعرض للاعتداء العسكري
جميع من شارك في هذه الدراسة أظهروا وبشكل واضح عمق انتمائهم لهويتهم الفلسطينية في اعتبارها تشكل جزءاً من وعيهم ومفهومهم لذاتهم، يقول أحد الجرحى الذين تضرروا بشكل بالغ بفعل الاحتلال الإسرائيلي:” يعني شو (ماذا) بدي (أريد) أحكيلك، أنا فلسطيني، دمي فلسطيني، أرضي إلي قاعد عليها فلسطين، إمي وأبوي من فلسطين. شو بدي أحكيلك أكثر. أولا : الاحتلال بشكل عام احتلال. ما أظن إلا يجي يوم ونتحرر، بس ما بعرف متى، بس بإرادتنا وقوتنا، أقوى من الاحتلال. أنا بعد الإصابة، تعززت هويتي؛ لأني بحمد الله إني تصاوبت دفاعاً عن وطني”.
وفي الوقت ذاته، شكلت حافزاً دفعهم للمشاركة في النضال ضد الاحتلال العسكري الإسرائيلي، فمفهوم المشاركة لوحدة الأهداف التي تجمع الأفراد المنتمين لذات الجماعة ويحملون ذات الهوية ووحدة الانتماء، تدفع للمشاركة في القيم والأهداف ذات الطابع المشترك، إضافة للأنشطة الضرورية التي تجعلهم يسلكون نسقا لهذه القيم والأهداف. حيث تكون الهوية الاجتماعية بمثابة” وعي للذات والمصير التاريخي الواحد، من موقع الحيز المادي والروحي الذي نشغله في البنية الاجتماعية وبفعل السمات والمصالح المشتركة التي تحدد توجهات الناس وأهدافهم لأنفسهم ولغيرهم وتدفعهم للعمل معاً في تثبيت وجودهم والمحافظة على منجزاتهم وتحسين وضعهم وموقعهم في التاريخ. الهوية، من حيث كونها أمراً موضوعيا وذاتيا معا، هي وعي الإنسان وإحساسه بانتمائه إلى مجتمع أو أمة أو جماعة أو طبقة في إطار الانتماء الإنساني العام.”( بركات، ص72، 2000).
الأمر الذي عكس نفسه كعامل أعانهم على استعادة التوافق النفسي بعد تعرضهم للصدمة الناجمة عن الاعتداء العسكري، حيث أن إدراك الفلسطيني لهويته، ما يجعله يشعر أن حقه المستلب هو حق لكل الشعب الفلسطيني، فالقضية لا تنحصر بخسارته على المستوى الشخصي، فاغتصاب الأرض واغتيال الأفراد، ليس إلا جزءا من خسارته هو، كونه يدرك أنه يشترك في هذه القضية مع غيره من الأفراد الذين خسروا كل في موقعه، بغض النظر عن المشاركة التي قدمها. يقول أحد الجرحى:” لم يتم استهدافي لكوني جمعة، إنما لكوني فلسطيني بالدرجة الأولى، لأني هيك (كذلك)، فأنا معرض للاستهداف متلي متل أي حد تاني. بعدين (لاحقاً)، استهدفني العدو بشكل شخصي، وهذا راجع بالأساس لمشاركتي النضالية وإني جزء من هذا الشعب إلي حامل نفس الهم ونفس القضية”.
ثانياً: دور الأسرة والدعم المجتمعي في تخفيف الآثار التي تسببها الصدمة الناجمة عن العدوان العسكري
شكل الدعم الأسري عاملا أساسيا لغالبية من شارك في هذه الدراسة، ولعل ذلك يعود بالأساس لكون النظام الاجتماعي العائلي في فلسطين يقوم على فكرة إعطاء أهمية للتواجد والحضور العائلي. وأحيانا، الظروف المحيطة، تفرض على الأهالي أدوراً جديدة، لا سيما في ظل الظروف التي يعيشها الشعب الفلسطيني، من ناحية الخطر الذي يتهدد كل فرد فيه بفعل الاحتلال.
كما أن التعاطف والتعاضد ما بين أعضاء الجماعة والأسرة الواحدة، يعد من الأساليب الفعالة في مواجهة الأخطار الخارجية؛ بحيث يشعر الفرد من خلال وجوده في هذه الجماعة بالأمان وعند زيادة وتفاقم الخطر الخارجي، يتعاظم الإحساس بالتهديد للذات والمصير. الأمر الذي يدفع بالشخص للاحتماء في المجموعة التي ينتمي إليها. فالأسرة تشكل الملجأ والملاذ، كما أنها الضمان ضد الأخطار الخارجية. وفي الحالات التي يتعرض فيها أحد الأفراد لمشاكل، يمكنه الالتجاء للأسرة والحصول على الدعم ممن يمكنهم تقديمه له (حجازي، 1998). يقول أحد الجرحى :” أهلي دعموني بالدرجة الأولى، لما كنت أتصاوب، كنت أقعد في البيت 5 شهور، أهلي حموني لأني ما بقدر أطلع برة (خارج) الدار بسبب الإصابة وكوني مطلوب للجيش الإسرائيلي، قدمولي دعم معنوي ونفسي وشجعوني لأخذ العلاج”.
وفي مقابل الدور الداعم الذي تقدمه الأسرة للأفراد المتضررين بفعل العدوان العسكري، كما بينت لنا نتائج الدراسة، فإن هناك أيضا جانب آخر للدعم، تمثل في الدعم المجتمعي؛ حيث أن الأفراد المشاركون في الدراسة والذين تضرروا بفعل ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي، تلقوا الدعم من المجتمع الأكبر (macro). حيث أن عملية الإحساس بالمجتمع والدعم الاجتماعي، تزود بالنتائج المفيدة على مستوى الأفراد والمستويات الشعبية والاجتماعية لأنواع مختلفة من الدعم كالدعم الاجتماعي الذي قد يزيد أو يعيد الصحة والتطوير بطريقتين، إما من خلال التأكيد على الخبرات ومشاركة اللحظات الخاصة ورفع تقدير الذات على مستوى العلاقات والمستوى الشخصي وتعزيز التطور بتزويد الدعم العاطفي في أوقات الأزمة (Nelson& Prilleltensky, 2005).
ثالثاً: المعتقدات الدينية والمعتقدات السياسية _ العضوية الحزبية، كعامل مساهم في تحقيق التوافق النفسي للأفراد في أعقاب التعرض للصدمة الناجمة عن العدوان العسكري
إن الإيمان بالقضاء والقدر، شكل عاملا أساسيا في مساعدة الأفراد المتضررين من العنف العسكري والمشاركين في الدراسة على استعادة حالة التوافق النفسي، وهذا ما أبرزته بعض الدراسات مثل دراسة (Kardiner, 1939) ودراسة (Khamis, 2008) والتي وجدت بأن قوة القدر يمكن تفسيرها بإزاحة لشخصية الشخص لآخرين أو عوامل خارقة بحيث تكون بمثابة القبول بدور الحياة. حيث يقول أحد الجرحى:” طبعا، هيك الله كاتب، وهذا الشي بساعدني. أكثر من مرة أنفذ من الموت. هذا مش قدر؟ الله مش كاتبلي أموت“. حيث أن الاعتقاد بأن الإنسان ليس لديه سيطرة على أحداث الحياة، يرتبط بشكل مباشر بالقدر، فالحس الإيجابي لقضية السيطرة فوق إرادة الفرد مهمة للحفاظ على الصحة والتطور.
المنحى الآخر الذي أظهرته نتائج الدراسة وشكل عاملاً في مساعدة المتضررين من العدوان العسكري على استعادة التوافق النفسي، هو عضوية الحزب السياسي؛ والذي كان له أثر في استعادة التوافق النفسي فقط لثلاثة من الجرحى ممن شاركوا في هذه الدراسة، حي أن القوة الأكبر كانت للهوية الوطنية هنا؛ لأن العطاء والنضال كان من منطلق الإيمان بهذه الهوية وهذا بدوره أيضا ساعدهم على استعادة حالة من التوافق النفسي بعد التعرض للعنف، كما أن العطاء كان للهدف العام وهي القضية الوطنية وليس بهدف إرضاء توجه أو فكر معين. يقول أحد الجرحى:” أنا فلسطيني، مش علشان فتح وحماس، النضال علشان فلسطين أغلى من الجميع، جميع الفصائل بتدافع عن فلسطين، لأنه الجميع مقابل الاحتلال”.
رابعاً: الجلد الشخصي، ودوره في تقليل الضرر الناجم عن التعرض للصدمة الناجمة عن العدوان العسكري
من العوامل التي ساعدت المتضررين من الاعتداء العسكري الإسرائيلي على التكيف النفسي، كما أظهرتها نتائج الدراسة، هي شخصية الفرد بالتزامن مع العامل الذي عزز هذا الجانب وهو وجود جرحى آخرين؛ حيث أن إرادة الفرد مع الدعم المحيط من قبل الآخرين، يقوي من إرادته للتحدي واستعادة حالة التوافق النفسي، وإيمانه بقدرته على تخطي الوضع الصعب. تقول إحدى الجريحات :” إرادتي قوية الحمد لله، وين ما أروح وآجي، شخصيتي قوية، الناس بحكوا ما شاء الله عنها، عندها إرادة وقوة من طفولتي، عندي روح وطنية جدا عالية، كمان حبي للوطن، أعطاني العزيمة والقوة”.
حيث أن الهوية تتشكل نفسيًا واجتماعيًا وتتمايز خلال عمليات التربية والتشكيل والتطبيع الفردي والاجتماعي، كما وتدخل عوامل ذاتية داخلية وخارجية كثيرة في عمليات التشكل والتشكيل وفق قوانين حسبما تحدده قوانين الوظيفة والدور. بالتالي، يكمن الهدف من نمو الهوية ورعايتها وتنميتها وتحصينها، في تحقيق حالة من الوعي، يشعر فيها الفرد بذاته وتفرده وتميزه في مقابل الآخر أيًا كان. هذا الوعي بالتفرد هو ما يعطي الفرد القدرة على الاستمرار في العطاء وتنمية الانتماء المجتمعي والوطني والإنساني الذي يقود لحالة من الشعور بالأمن والمشاركة وتوفير جو للإبداع والعطاء( من موقع mushahed، في مقال بعنوان العبث في الماهية والهوية لأحمد محمد المزعنن، والمحمل بتاريخ 2\3\2011) ويمكن أن يساهم في زيادة الجلد الشخصي. وبالتالي، تحصين الجوانب الشخصية لديه التي تقوي من قدرته على مواجهة الظروف الضاغطة. وبالتالي، القدرة على الوصول لحالة من التوافق النفسي في ظل ظروف الاضطهاد التي يعيشها.
النقاش والاستنتاجات
إن النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة والتي تمثلت في الهوية الجماعية “الوطنية الفلسطينية” والدعم الأسري والمجتمعي والمعتقد الديني والعضوية الجزبية والجلد الشخصي، في كونها شكلت عوامل أساسية ساعدت الأفراد المتضررين من العدوان العسكري الإسرائيلي على استعادة حالة التوافق النفسي، والتي شكلت المحور الرئيسي والعام الذي قام عليه افتراض هذه الدراسة، في كون الأفراد في المجتمع الفلسطيني يتعرضون للصدمة على المستوى الجماعي الأكبر. عملية مساعدتهم لاستعادة حالة التوافق النفسي وتخطي الضغوطات الناجمة عن اضطهادهم من قبل العدوان العسكري الإسرائيلي من منطلق جمعي، أشار بوضوح لأهمية التعرض للسياق العام الذي يتخلله العنف الهادف للمساس والنيل بالتوافق النفسي للأفراد وعدم حصره في جملة العوامل الفردية التي لا تعطي معنى عميق لطبيعة تكيف الأفراد وتجاوزهم للأحداث الصادمة التي تمر بهم بفعل ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الرامية لإضعاف حصانتهم النفسية.
من النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة، نستطيع الخروج من افتراض أن وجود هوية جماعية والتي عكست نفسها في هذه الدراسة، بالهوية الوطنية، يمكن له أن يشكل عاملاً في تحقيق التوافق النفسي للأفراد، عقب تعرضهم للصدمة الناجمة عن العدوان العسكري. حيث أن تعزيز هذه الجزئية في الشارع الفلسطيني، يمكن له أن يحميه على المستوى النفسي؛ كونه مجتمع لا يزال يعايش الاحتلال ويتعرض من قبله لأشكال مختلفة من التمييز والاضطهاد.
يشكل الدعم الاجتماعي ركيزة أساسية في بناء العلاقات بين الأفراد والتي تنعكس بدورها على بناء المجتمع بشكل عام وتساهم في تقويته وتطويره في مناح مختلفة. فالدعم الاجتماعي يخفف الآثار السلبية للأحداث والظواهر التي تمر بالأفراد، فحتى في تواجد الأوضاع التي تحوي في طياتها العديد من مظاهر التوتر، إلا أن الدعم الاجتماعي يصقل من آثار الضغط ويخفف منها. الأمر الذي بدوره يؤدي لحدوث التطور على مستوى العلاقات من خلال دعم الأفراد لبعضهم البعض ويظهر ذلك جليا لا سيما في المجتمعات التي تؤمن بقضية التكافل الاجتماعي والانتماء للجماعات لتحقيق مصالحها والتي يعد المجتمع الفلسطيني إحداها.
إن ما يتعرض له الأفراد من اضطهاد وانتهاك لحقوقهم في السياق الفلسطيني، يقع في نطاق الصدمة الجماعية. مثل هذه الصدمة، تتطلب رد جماعي عليها؛ بمعنى تشكيل اتحاد وتآلف ما بين المعالجين والمتضررين وبين أفراد العائلات. حيث أن تجنب مثل هذه الحالة، من شأنه العمل على عرقلة الإحساس بالاستمرارية التاريخية وقد تزيد من فصل وتفسيخ النسيج الاجتماعي. لكن التعامل الجماعي مع الظواهر التي تستهدف توافق الأفراد النفسي، من شأنه المساعدة على وصول الأفراد لمرحلة من التكيف والجلد (Saul, 2006; 2007).
بالتالي، التركيز على الجلد في ميادين الصحة النفسية، أدى إلى تحول في العمل من التركيز على الجانب الفردي في التدخل مع الأفراد المتضررين من الحروب إلى الميادين الاجتماعية ومصادر الدعم المجتمعي، كالعائلات وغيرها من الأطر الجماعية التي تساعد الأفراد في تحقيق التوافق النفسي، بعد تعرضهم للصدمة الناجمة عن التعرض للعدوان العسكري (Bava, 2005), (Landau & Saul, 2004) (Walsh, 2007) (Ungar, 2008).
هذا الأمر بدوره يشير إلى أن وصول الأفراد لمرحلة من الجلد، يأتي من خلال الأخذ بعين الاعتبار مجموعة من العمليات التي تكفل الوصول لمجموعة من النهايات الجيدة، تنعكس على التوافق النفسي للأفراد، في ظل وجودهم في البيئات المضطهِدة. حالة الجلد تعكس نفسها في مواطن قوة الأفراد والجماعات، من خلال التركيز على عمليات كالعدالة الاجتماعية والتي تؤسس للتطوير الناجح الذي يتزامن مع الانسجام والتجانس الثقافي والاجتماعي والأخذ بعين الاعتبار خصائص الأفراد التي تميزهم عن غيرهم. مثل هذه العوامل، تشكل أرضية لفهم حالة الجلد resilience للأفراد والتي ينتهجونها لتحمل الظروف الضاغطة التي تمر بهم، كما أنها تعطي مؤشراً لفهم الطبيعة الاجتماعية والثقافية لمصادر الدعم في بيئة الأشخاص، إضافة لقدرة الجماعات على الوصول لأساليب ذات مغزى ثقافي واجتماعي تشكل مصادراً لدعمهم في سياق وجودهم في الجو العام الذي يستهدف توافقهم النفسي. ومن هذا المنطلق، يبدأ الأفراد بالوصول وإدراك المسارات التي تحقق لهم حالة الجلد resilience ضمن مستويات متعددة، لا تستثني النطاق الأكبر؛ البيئي الذي يساعدهم للوصول لمثل هذه الحالة (Saul & Bava, 2008).
استناداً لما ذكر سابقاً واعتماداً على النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة، في كون الأفراد في المجتمع الفلسطيني، يتعرضون للصدمة على المستوى الجماعي، فهم بذلك يستهدفون كجماعات وليس كأفراد بعينهم. هذا الأمر، من شأنه أن يشكل أرضية نصل معها في فهمنها إلى أن الكيفية التي يقاس بها مقدار تعرضهم للصدمة الناجمة عن العدوان العسكري، لا بد وأن تنسجم من طريقة تعرضهم لهذا العدوان، كما تقدم في الدراسات أعلاه. ومن جهة أخرى، يساعدنا على تجاوز الثغرة في عمل الأبحاث التي أجريت في النطاق الفلسطيني، من خلال قياس مقدار تعرض الأفراد للصدمة من منطلق فردي، باستخدام مقاييس مثل PTSD والذي كما ذكر سابقاً، جاء في سياق ثقافي مختلف تماماً عن السياق الفلسطيني.
الكيفية التي يستجيب فيها الأفراد للصدمة، تختلف من سياق اجتماعي لآخر، كما أن الكيفية التي يتكيفون بها ما بعد الصدمة، أيضاً تختلف من سياق اجتماعي لآخر. فكيف لنا أن نفترض أنها ذاتها ونطبق مقاييس نفسية موحدة لقياس كيفية الاستجابة للصدمة وكيفية التكيف بعدها؟!
انطلاقاً مما سبق ذكره، يمكن لنا أن نؤسس لقاعدة معرفية ومنهجية في الكيفية التي لا بد وأن يتم خلالها تناول الظواهر النفسية في السياق الفلسطيني، اعتماداً على خصوصيته الثقافية والاجتماعية. بمعنى؛ أنه بدلاً من القيام بتطبيق مقياس مثل PTSD والذي نشأ في سياق اجتماعي مختلف في سياقنا الفلسطيني، يمكن لنا أن نضع الأرضية لإنتاج أبحاث كيفية المنهجية؛ لرؤية ودراسة هذه الظواهر من منطلق المبحوثين أنفسهم والخروج بجملة من العوامل كما تم في هذه الدراسة والتي تساعد الأفراد للتكيف عقب الصدمة الناجمة عن العدوان العسكري والمستندة لمبدأ “” Grounded Theory. والمحاور التي تخرج من تطبيق مثل هذه المنهجية، يمكن أن تشكل الأرضية لتأسيس مقاييس نفسية في سياقنا الفلسطيني، تنسجم وطبيعة المتغيرات الثقافية والاجتماعية الفلسطينية، بدلاً من تطبيق مقاييس بعيدة كل البعد عن الحالة الثقافية والاجتماعية التي نعيشها ولا تعطي المعنى الذي يشتمل عليه السياق.
قائمة المصادر العربية:
بركات، حليم. (2000). المجتمع العربي في القرن العشرين. بحث في تغير الأحوال والعلاقات. ط1،
بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية.
بوناماكي، رايا لينا. (1988). الصحة النفسية للنساء الفلسطينيات تحت الاحتلال الإسرائيلي. أحمد بكر
(مترجم). القدس، جمعية الدراسات العربية.
جقمان، ريتا، وهنا صعب، وفيث نغوين- غلهام، وأنيتا عبد الله، وغادة ناصر. (2004). تكيف الفتيات
والفتيان الفلسطينيين مع الصدمة. بير زيت، فلسطين، معهد الصحة العامة والمجتمعية.
حجازي، مصطفى.(1998). التخلف الاجتماعي: مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور. ط7،
بيروت، لبنان، معهد الإنماء العربي.
دراج، فيصل. (2008). قضايا فلسطينية السياسة والثقافة والهوية. ط1، رام الله، المجلس الأعلى
للتربية والثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية.
زايد، أحمد.(2006). سيكولوجية العلاقات بين الجماعات، قضايا في الهوية الاجتماعية وتصنيف الذات .الكويت، شركة مطابع المجموعة الدولية.
سلامة، غسان. (آذار 4، 2011). ” الهوية الفلسطينية في عصر العولمة.” http://www.alzaytouna.net/arabic/?c=199&a=119254 (Alzaytouna).
كناعنة، مصلح، وماريت نتلاند.(2003).أعماق الذات المنتفضة:السيرة النفسية والاجتماعية للشباب الفلسطيني الذي نشأ في جو الألم والأمل والإحباط بين الإنتفاضتين، حيفا، الجمعية النرويجية الفلسطينية.
المزعنن، أحمد محمد. (آذار 2، 2011). ” العبث في الهوية والماهية.” http://www.mushahed.net/vb/showthread.php?t=9004 (Mushahed).
مكاوي، إبراهيم. (2002). الحركة الطلابية الفلسطينية في الداخل كمدرسة لبلورة الهوية القومية وإعادة تشكيلها. في المنهاج الفلسطيني، إشكاليات الهوية والمواطنة. (الشيخ، عبد الرحيم). (محرر). رام الله، فلسطين، مواطن، المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية.
References
Austin, W., & Worchel, S. (Eds). (1986).Psychology of IntergroupRelations.
Bava, S. (2005). Performance Methodology: Constructing Discourses and Discursive Practices in Family Therapy Research. In D. Sprenkle & F. Piercy (Eds.), Research Methods in Family Therapy (2nd Ed.). Guilford Press.
Burton, M., & Carolyn, K. (2003). Liberation Social Psychology: Learning from Latin America. Journal of Community and applied Social Psychology.No: 1-37.
Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorder (2007), (DSM IV). Washington: D.C.A.P.A.
Glaser, B. & Strauss, A. (1967). The discovery of grounded theory: Strategies for qualitative research. New York: Aldine De Gruyter.
Hernandez. (2002). Trauma in War and Political persecution: Expanding the Concept. American Journal of Orthopsychiatry; Vol: 72. No: 1.16-25.
Johnson, E. K., & Julie, C. (2010). Psychological Adjustment and Coping in the Post-conflict setting. In Martz, Erin. (Ed).
Khamis. (2008). Post-traumatic stress and psychiatric disorders in Palestinian adolescents following in intifada related injuries. Social Science & Medicine; 67: 1199-1207.
Landau, J., & Saul, J. (2004). Facilitating family and community resilience in response to major disaster. In F. Walsh & M. McGoldrick. (Eds.). Living beyond loss. New York: Norton.
Levi, L. (1973). Stress, Distress, and psychosocial stimuli. Occupational Mental Health.
Makkawi, I (2004). National identity development among Palestinian student activists in the Israeli universities. International Journal of Educational Policy, Research and Practice. 5(2) 19-59.
Makkawi, I (2009).Towards and emerging paradigm of critical community psychology in Palestine. The Journal of Critical Psychology, Counselling and psychotherapy; 75-86.
Martz, E. (2010). Introduction to Trauma Rehabilitation After War and Conflict. In Martz, Erin. (Ed).
Martz, E. (Ed). (2010). Trauma RehabilitationAfter War and Conflict community and Individual Perspective. New York.
Mossakowski, K (2003). Coping with perceived discrimination: Does ethnic identity protect mental health. Journal of Health and Social Behavior, 44 (9) 318-31.
Nelson, G. & Prilleltensky, I. (2005). Community Psychology In Pursuit of Libration and Well-being. New York.
Phinney, J (1989). Stages of ethnic identity development in minority group adolescents. Journal of Early Adolescence, 9(1-2) 34- 49.
Phinney, J (1995). Ethnic identity and self-esteem: A review and integration. In A. Padilla (Ed), Hispanic Psychology: Critical issues in theory and research (pp.57-70). California: Sage.
Phinney.J (2007). Conceptualization and Measurement of Ethnic Identity: current status and future directions. Journal of Counseling Psychology; Vol.54. No.3.271-281.
Saul, J. (2006). Trauma and performance: constructing meaning after tragedy, theater of witness in lower Manhattan post 9/11. Presented at Trauma and Research Net, Hamburg Institute For Social Research, St. Mortiz.
Saul, J. (2007). Promoting community resilience in lower Manhattan after September 11, 2001 [monograph]. American Family Therapy Academy: Systemic Responses to Disaster; Stories of the Aftermath of Hurricane Katrina, winter 2007, 69–75.
Saul, J., & Bava, S. (2008). Implementing Collective Approaches to Massive Trauma/Loss in Western Contexts: Implications for Recovery, Peacebuilding and Development. Paper presented at the Trauma, Development and Peacebuilding Conference New Delhi, India September 9-11, 2008.
Simon, B., Birgit, A., & Claudia, K. (2004). The social psychology of Minority- Majority Relations. In Brewer, Marilynn B, & Hewstone Miles. (Eds).
Tajfel, H. (1981). Human groups and social categories. Cambridge, UK: Cambridge University press.
Tajfel, H., & Turner, J. (1986). The social identity theory of intergroup behavior. In S. Worchel & W. Austin (Eds).
Ungar, M. (2008). Putting resilience theory into action: Five principles for intervention. In Liebenberg and M. Ungar (Eds.). Resilience in Action. Toronto: Univerity of Toronto Press.
Valli, K., Antti, R., Outi, P., Raija-Leena, P. (2006). The Effect of Trauma on Dream Content- A field Study of Palestinian Children. American Psychological Association. Vol. 16, No; 2, 63-87.
Walsh, F. (2007). Traumatic loss and major disasters: Strengthening family and community resilience. Family Process, 46(2): 207-227.
Yahia. (2007). Challenges in studying the psychological effects of Palestinian children’s exposure to political violence and their coping with this traumatic experience. Child Abuse & Neglect; 31: 691-697.
Biography
Amani Abusoboh was born and raised in Palestine. She holds a BA in Psychology and Education and an MA in community psychology, both from Bir Zeit University in Palestine. She is currently pursuing a Masters in Organizations Development at St. Edward’s University. After her studies, she hopes to apply her skills in developing and improving mental health systems in Palestine.
Her basic purpose in business is to design and improve mental health services for Palestinians. The Palestinian society overall is disrupted by the military, social, and economic impact of the Israeli occupation in multiple domains, an occupation which undermines mental health in a variety of interrelated ways. The Palestinians suffer from direct military threat, movements restricted through checkpoints and the Wall the Israeli built around the Palestinian region, from economic distress, social stagnation and the crash of basic societal infrastructure. Effectiveness of the performance in any aspect of life requires a state of balance and psychological stability; having good mental health services will help to empower individuals to be active members in their community. She carries values that push her to develop her ability in order to serve her community: respect, empathy, cooperation and team work, responsibility and commitment, excellence, honesty, professionalism, and personal development.